أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الإسلام كما القومية لا يمتلكان فكراً















المزيد.....

الإسلام كما القومية لا يمتلكان فكراً


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 14:33
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



مناسبة الكتابة في موضوع الإسلام وافتقاده لكل فكر، ومثله القومية طالما أن الشيء بالشيء يذكر، هو أن بعض المتأسلمين كتبوا إليّ يدعونني بإلحاح إلى نبذ الفكر الشيوعي وتبني "الإيديولوجيا" الإسلامية التي لم يثبت بطلانها كما الإيديولوجيا الشيوعية بزعمهم؛ وادّعى أحدهم، وهو يفيض بالحس الإنساني، بأنه يشفق عليّ لما أشعر به من إحباط إثر انهيار المعسكر الاشتراكي، كما افترض. وتقديراً مني لهذه المشاعر الانسانية التي لا أنكرها لدى البعض من المتأسلمين، رغم تعارضها مع مختلف الفلسفات الدينية، فإنني أود في هذا المقام أن أطمئن هذا الأخ المتأسلم من أنني لم أشعر يوماً بالإحباط إثر انهيار الاتحاد السوفياتي كما افترض، حيث كنت على علم مسبق به، ففي العام 1963، وكنت آنذاك في السجن، ولدى قراءتي تقرير خروشتشوف إلى المؤتمر العام الثاني والعشرين للحزب 1961 لأول مرة، أكدت للرفاق معي انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1990 إذا ما تكرّس انحراف خروشتشوف، وهو ما لم يتقبلوه بالطبع إذ لم تكن أية علائم للإنهيار بادية للعيان على الاتحاد السوفياتي وكان الدولة الأعظم. كنت واثقاً من انهياره بعد ثلاثة عقود انطلاقاً من معرفتي التامة بمفاعيل القوانين الماركسية التي لا تخطئ. بقيت في السجن معارضاً بقوة إنحراف خروشتشوف، الذي تهدد مصائر الممشروع اللينيني، حتى 6 نيسان 1965 حين أطلق سراحي بموجب قانون العفو العام، ثم ما لبثت أن عدت إلى السجن في 21 حزيران 1966 وبقيت فيه حتى 16 حزيران 1967 بعد انهيار الدولة بفعل هزيمة الدول العربية في الحرب. ولعلي لا أطمئن الأخ الكريم المتأسلم وأنا أؤكد له بأن الماركسي الحقيقي ـ وأضع خطين تحت كلمة الحقيقي ـ لا يُحبط ولا ينهزم حتى بعد انهيار المشروع اللينيني التاريخي العظيم، فالتاريخ لا يمشي إلا على الأرض وليس في السماء كما تؤكد الماركسية. ونحن إنما نقلد كارل ماركس الذي عانى مع عائلته شظف العيش القاسي طيلة حياته دون أن يُحبط أو يفتّ ذلك في عضده.

استدعاني هؤلاء الأخوة المتأسلمون إلى القول بأن الإسلام كما القومية لا يمتلكان فكراً في الأصل ولا يشكل أي منها ما يمكن وصفه بالإيديولوجيا ليكون بديلاً للمنهح الماركسي. درج على ألسنة المثقفين تعبيران خاطئان كالقول ب "الفكر الإسلامي" أو "الفكر القومي" وهما تعبيران يجري استخدامها من باب المجاز فقط لكنهما لا يمتلكان فكراً حقيقيا يمتّ بصلة إلى فكر الإنسان لأنهما يعتمدان بداية على الغيبيات كما في حالة الإسلام والحقائق الساكنة في الحالة القومية وكلتاهما لا تستدعيان أي تفكير. والقول ب "الفكر" الاسلامي أو "الفكر" القومي إنما هو تجاوز للواقع والاستدلال إلى ما لا يستدل إليه. الإيديولوجيا كما هو معروف هي مصفوفة من الأفكار المتناسقة التي تشكل بالنهاية بناء متكاملاً يسكن إليه أناس عقائديون لهم تصور معين عن النظام السياسي أو الإقتصادي الذي يرغبون به. بهذا التعريف المحدد يفتقد كل من الإسلام والقومية أي بناء إيديولوجي متكامل حيث يفتقد كلاهما لأي وصفة محددة من وصفات علاقات الإنتاج التي تعيّن بدورها كل الخصائص الأخرى للمجتمعات على اختلاف أشكالها.

ما لا يجوز القفز عنه في هذا السياق هو أن الأسلمة انطلقت أساساً من الأرض وليس من السماء خلافاً لما يعلن المتأسلمون نقلاً عن إعلان النبي محمد. تواجدت بذور الأسلمة في المجتمع المكّي في القرن السادس والسابع الميلاديين ونبتت هناك وما كان لها أن تنبت في أي مكان آخر الأمر الذي يدل دلالة قاطعة على أن الإسلام عقيدة أرضية ومادية المنبت. إعتاش المجتمع المكي آنذاك على التجارة بعد انسداد طريق الحرير، نتيجة للعداء المستحكم بين الفرس والرومان، وانحرافه إلى الجزيرة العربية ومكة عاصمتها. كانت التجارة وسيلة العيش الرئيسة في المجتمع المكّي بجانب فقر الوسائل الأخرى أو حتى انعدامها. في حالة كهذه يغتني التجار وينفقر بقية السكان. فكان أن فتكت غائلة الفقر والجوع بعامة السكان وانتشر الموت بينهم حتى أن عائلة النبي محمد الصغيرة مات معظم أفرادها من الجوع. وبفعل شدة الفقر والجوع انحطت قيمة المرأة، وهي الولّادة، وصولاً إلى وأد البنات، بسبب الفقر وانعدام أسباب العيش، الذي لم يذكره التاريخ إلا في المجتمع المكي وفي يثرب التي كانت أسوأ حالاً قبل ظهور الإسلام على يد محمد يقود جيشاً من فقراء يثرب.
بجانب هذا المجتمع المتفجر بالتناقضات الحادة كانت مكة محل اهتمام النساطرة من النصارى المطاردين من قبل الامبراطورية البيزنطية المسيحية عقب اعتناقها لديانة الضابط الروماني بولص؛ وهؤلاء كانت لهم دعوى سياسية مغلّفة بالدين، يعارضون الاحتلال الروماني ومسيحية بولص "الرسول" الذي تصالح مع الاحتلال، بل كان عميلاً له، خلافاً لدعوى يسوع الناتسري (Nazarene) ــ وليس الناصري ــ المعادية بقوة للاحتلال الروماني. كان ورقة بن نوفل من زعماء قريش وابن عم خديجة قساً نسطورياً نشطاً في مكة وعلى اتصال وثيق بالراهب بحيرا في بصرى الشام. توسم القس ورقه في الشاب محمد فصاحة ونباهة غير اعتياديتين فعمل على ضمه إليه وعلمه الانجيل والتوراة حيث كان يخطط لأن يجعل من محمد نبياً نسطورياً وهو ما كان إثر حادثة غار حرّاء. لقد أعلن ورقة بن نوفل محمداً نبياً نصرانياً نسطوريا وانعكست صورة يسوع النسطورية في القرآن.
إثر وفاة معلمه ورقة بن نوفل وزوجته خديجة التي تركت له مالاً كثيراً عانى محمد من أزمة نفسية كادت تودي بحياته. وبعد أن عبر النبي محمد تلك الأزمة انحرف انحرافاً كبيراً وتحول من الدعوى النسطورية السياسية إلى دعوى اجتماعية غائبة تماما عن دعوى النساطرة، قوامها الإصلاح الإجتماعي والانتصار للفقراء والجياع واليتامى والمستضعفين ضد تجار قريش الأغنياء السفهاء من أمثال أبو لهب وأبو جهل وأبو سفيان وغيرهم. في مواجهة الأعداء الأغنياء الأقوياء وظف محمد أمواله الكثيرة الموروثة عن خديجة وعلومه الدينية المنقولة عن ورقة بن نوفل كرافعتين قويتين لدعواه الاجتماعية الانسانية الجديدة المنتصرة للفقراء والضعفاء ونجح في ذلك أيما نجاحاً.
نتعرض لكل هذه الحقائق كي نؤكد أن الإسلام قام أساساً على دعوى أرضية وهو ما زال اليوم يقوم كذلك على دعوى أرضية، فلولا انهيار المشروع اللينيني والمشروع القومي بالتبعية لما وُجد اليوم ما يعرف بالصحوة الاسلامية التي ما كانت لتصحو إلا لتقول لنا أن " الإسلام هو الحل " وليس الإشتراكية أو القومية وهو ما يفيد أن مشاكل الشعوب الاسلامية لا يحلها إلا الإنصياع للتعاليم الاسلامية التي تعالج مشاكل الدنيا عكس المسيحية البولصية التي تقول .. طوبى للفقراء والمساكين فإنهم يرثون ملكوت الله ! وهو ما يشير إلى أنها ليست معنية بشؤون الدنيا وإصلاحها.

نحن لسنا هنا لنقارب جوهر الدعوى الاسلامية بل لنتفحص ما يسمى بالفكر الإسلامي أو ما يوصف بالايديولوجيا الاسلامية التي لا تقوم على أساس فكري كيما تصنف كإيديولوجيا. جميع المتأسلمين دون استثناء يؤكدون أن جميع شروط دعواهم هي أحكام إلهية نقلها جبريل من الله فوق السماء إلى محمد على الأرض، وما على المسلمين إلا إطاعتها والامتثال إليها من غير تعقّل أو مراجعة. أي أن الأحكام الواردة في القرآن والتي ستعالج مختلف مشاكل البشرية (الإسلام هو الحل) ليست من بنات الفكر البشري. لكن ما يتوجب التوقف عنده والإمعان فيه طويلاً هو أن الأحكام القرآنية اشتبكت بقوة مع أحوال المجتمع المكي قبل خمسة عشر قرناً، فهي بذلك تاريخانية، تنتمي لذلك التاريخ وعقلانية. أما اليوم فلم تعد تشتبك مع قضايا التنمية المادية والبشرية، وهي بالإجمال ترفض التطور وتفرض تجميد شروط الحياة. إنها لم تعد عقلانية كما كانت لدى ظهورها، فقد باتت حقاً "إلهية" لا تنتمي إلى العصور الحديثة وليست عقلانية أو من بنات الفكر الإنساني. وهكذا انبت رباطها مع الفكر الإنساني وأخذت تحلق في الفضاء لتغيب في أعالي السموات عائدة إلى أصلها المدعى وهو "الله". ما يوصف مجازاً بالإيديولوجيا الاسلامية لم تعد بيتاً على الأرض يأوي إليه أنفار عقلانيون، لم تعد ايديولوجيا طالما أن مادة بناء الايديولوجيا هي الفكر المنطلق أولاً من الفكرة (Idea) الأولى وليس في الأسلمة فكرة أولى، بل هو الوحي الذي لا ينتمي للجنس البشري. وطالما أن شجرة " الفكر" الإسلامي بلا جذور فكرية عوضاً عن "الوحي الإلهي" فهي لذلك شجرة وهمية سرعان ما تذروها الرياح. وليست شجرة طبيعية ذات ثمار. تزييف الإسلام على أنه وحي إلهي يعزله تماماً عن كل فكر إنساني ويحول دون تقديمه كإيديولوجيا تسمح لأن تتم مقاربتها فكرياً.

مثلما زوّر المتأسلمون الإسلام وادّعوا أنه وحيٌ من عند الله، زوّر القومجيون القومية كذلك وجعلوها خصيصة ديموغرافية مرتبطة باللغة الواحدة والتاريخ المشترك. بالسكوت عن مثل هذا التزوير يصبح لدينا قومية عابرة للتاريخ خلافاً لكل خصائص الحياة المتغيرة على الدوام؛ وهو ما يصل إلى الإفتراض أن قبيلتي عبس وذبيان المتحاربتين بسبب حصان عبس داحس وفرس ذبيان الغبراء هم من قومية واحدة، من القومية العربية وتشترك القبيلتان بذات النوازع بادّعاء أول منظّر للقومية، المستعرب ساطع الحصري الذي لم يسأل نفسه لماذا لم ينظّر للقومية عربي قبله !! هل كفار قريش بقيادة أبي سفيان ومسلمو المدينة بقيادة محمد ينزعون ذات النوازع وكلهم يتكلم العربية وتاريخهم واحد؟ وهل الطرفان من قوميتين مختلفتين طالما أن نوازعهما متضاربة !؟ وهل الأمويون والهاشميون من قوميتين متناقضتين ليأتي الأمويون على آخر الهاشميين ومثل ذلك كان بين العباسيين والأمويين !؟ كل التاريخ العربي الذي امتد من صدر القرن السابع الميلادي حتى منتصف القرن العاشر إنما كان يدور في صراع بين قبائل قرشية فقط قبل أن تولد فكرة القومية بعشرة قرون. شعوب شرق المتوسط في سوريا الكبرى وما بين النهرين لم تتكلم العربية وكان لها تاريخ منفصل تماماً عن تاريخ أهل الجزيرة، ولم يكن لها شأن فيما يسمى بالتاريخ العربي سوى استقبال جيوش الغزاة الفاتحين يقودها قرشيون حصراً. جيوش القرشيين الفاتحين لم ترفع أية رايات للعروبة بجانب راية الإسلام.

سجلات التاريخ تؤكد لنا أن شعوب شرق المتوسط كانت أفضل حالاً تحت الاحتلال الروماني منها تحت الاحتلال العربي. نقرأ رسالة سعد بن أبي وقاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب عقب فتح القادسية والاستيلاء على العراق يقول فيها أنه قسّم أرض السواد (العراق) وما عليها من علوج (حيوانات على شكل الإنسان) على أمراء الجيش والجند، فيصيح عمر مستنكراً .. "ويحك! وماذا يبقى لحماية الثغور ؟ " فيعترضه نقيب الصحابة عبد الرحمن بن عوف متسائلاً .. " لما الغضب ؟ فهذا ما أفاء الله به عليهم ! " . بمثل هذه الدونية نظر العرب المسلمون إلى شعوب شرق المتوسط المتقدمة عليهم بالحضارة واعتبارها فيئاً على الغزاة المسلمين. ونقرأ في كتاب " الخراج " للقاضي أبو يوسف أن جنوب الأردن أُستقطع للصحابي طلحة بن عبيدالله وكان يجبي منه مائة ألف دينار سنوياً، وأستقطع له أيضاً من أرض العراق ما كان يعود عليه بأكثر من هذا المبلغ. لم تعانِ شعوب شرق المتوسط مثل هذا الاستغلال والإزدراء تحت الهيمنة الرومانية والبيزنطية أو الفارسية. كانت لشعوب شرق المتوسط ممالك مستقلة ذاتياً مقابل بدل يدفع سنوياً للمتروبول. يذكر لنا التاريخ ممالك الغساسنة واللخميين والتدمريين والأنباط تحت هيمنة الرومان والفرس غير العرب في حين لم يتولَ أحد من شعوب هذه الممالك منصباً رفيعاً كوالٍ أو قاضٍ وغيرهما طيلة الخلافات القرشية العربية. نتطرق لكل هذه الحقائق التاريخية لننفي كل فكرة تمت بصلة للقومية فيما قبل القرن الثامن عشر والتي يبشر بها القومجيون اليوم باعتبارها الأساس لخطابهم القومي.

ليس من شعب على وجه الأرض يمتلك سجلات ودواوين ومراجع في مختلف الأنشطة الفكرية بقدر ما تمتلك الشعوب العربية ومع ذلك خلت جميع هذه المراجع والدواوين والسجلات من أي ذكر للقومية أو لأي فكرة تشي بالنزعة القومية. حتى قواميس اللغة العربية بمختلف مؤلفيها ودرجاتهم خلت تماماً من مفردة "القومية" فيما قبل القرن العشرين. بدأ العرب يتعرفون على القومية نقلاً عن أوروبا الغربية حيث هناك بدأ النظام الرأسمالي قبل نهاية القرن الثامن عشر يفرض شروطه على الأرض. أهم تلك الشروط كان حاجة الصناعات المتنامية لفضاء كافٍ لتمثل الدورة الحيوية للإنتاج الرأسمالي، فكان أن نادت بإقامة الحدود القومية التي تفصل إثنية بعينها تنطق بلغة واحدة تحرسها حدود جمركية تحمي الصناعات النامية. تخلّقت فكرة القومية في بوتقة النظام الرأسمالي. الصناعات اليدوية الشامية التي عانت طويلاً تحت نير الاحتلال العثماني نهضت تطالب بالاستقلال أثناء الحرب العالمية الأولى والهزيمة التي لحقت بجيوش الامبراطورية العثمانية، وطالبت باعتبار المجال الحيوي للصناعات الشامية مملكة عربية متحدة تضم شرق المتوسط، الجزيرة العربية وسوريا الكبرى والعراق. من هنا فقط نشأت فكرة القومية العربية التي لم تكن تعترف إذّاك بعروبة شعوب مصر والسودان والمغرب التي كانت خارج دائرة الصناعات الشامية. الدعوى القومية التي نادت بها الثورة العربية الكبرى 1916 لم تكن إلا حاجة البورجوازية الدينامية الشامية لفضاء كاف لتطورها الرأسمالي. ليس ثمة أية إيديولوجيا للنظام الرأسمالي، بل إن الفكر الإنساني لا ينطق إلا بمثالب النظام الرأسمالي ــ من المفارقات المدهشة الكبرى حقاً هو أن كارل ماركس كان أول مفكر أشار إلى حسنات النظام الرأسمالي وليس إلى مساوئه فقط !! كما أن لينين أشار في كتابة " الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية " إلى الدور التقدمي الذي تقوم به الإمبريالية.

ما يسيء القوميون صنيعه هو أنهم يرفضون الإعتراف بأن النزعة القومية هي مجرد نزعة رأسمالية تؤمن استغلال الطبقة العاملة في جغرافيا محددة ليفرغوا القومية من الحياة للإدعاء بأنها اللغة الواحدة والتاريخ الواحد والنزوع الواحد. إزّاء مثل هذه الأقانيم الثلاث يقوم السؤال.. وما الذي تستدعيه هذه الأقانيم الستاتيكية الثلاث من أفكار؟ .. لا شيء !! إنه حقاً لا شيء !!

كخاتمة لهذا الموضوع يقوم السؤال .. ماذا تعني نسبة الفكر الإنساني لحالة بعينها قصراً مثل القول بالفكر الإسلامي أو الفكر القومي؟ ذلك يعني تحديداً أن هناك حالة أو أوضاعاً إنسانية في سياق التطور من خلال تفاعلها مع الفكر الإنساني في علاقة ديالكتيكية، تؤثر وتتأثر به مما يؤدي إلى تطور كليهما. فباعتبار الاسلام دين سماوي رغب به الله وحدده حتى قبل وجود الخليقة، أي أنه لا يتصل بالفكر الإنساني على الإطلاق، فذلك يقتضي مباشرة امتناع نسبة الفكر إلى الإسلام كأن يقال "الفكر الإسلامي". بانتفاء العلاقة بين الإسلام من جهة والفكر من جهة أخرى فإن الطرفين كليهما لا يتطوران وبذلك لا يعود الفكر فكراً بالمعنى الوافي للكلمة. كان النبي محمد قد استخدم مختلف الوسائل والقوى لتوطيد العلاقة بين مشروعه الاجتماعي ودينه السماوي لكنه فشل فشلاً ذريعاً فحال أن توفي وقبل أن يدفن اجتمع رفاقه في سقيفة بني ساعدة وتنازعوا على السلطة وانتهوا إلى القول " الخلافة في قريش " أي العودة إلى النظام القبلي الذي حاربه الإسلام، وأقاموا إمبراطورية أسوأ من امبراطورية روما.
أما الأقانيم القومية الثلاث، اللغة والتاريخ والنزوع، فليس منها ما يشتبك مع الفكر الإنساني اشتباكاً مباشراً. كل الذين كتبوا في القومية العربية لم يقدموا فكراً يستحق الاعتبار؛ وكيف لهم أن يقدموا وأقانيمهم الثلاث ساكنة لا تتطور وتمتنع على تدخل الفكر الإنساني في تحريكها. الفكر القومي وبدلالة خصيصته لا علاقة له بتطور المجتمع عبر ميكانزماته الداخلية، ولذلك رأينا اشتراكية النازية تتمثل بالعودة إلى العبودية الرومانية لسيادة الجنس الآري، والاشتراكية البعثية تتمثل باستعباد الشعب العربي لصالح العصابة ويزيدون في ذلك فلا يخجلون من وصفه بالنزوع القومي.
وهكذا فإن المدرستين الإسلامية والقومية ليس فيهما من فكر يُدرّس .

www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى الحزب الشيوعي الفلسطيني
- شبح الشيوعية لم يعد يحوم في السماء
- عن أي يسار يكتب كتبة اليسار !؟
- مواجهة مع أحد المرتدين
- نهاية إقتصاد السوق
- رفيقنا الشيوعي الأميز علي الأسدي
- ليست الأخطاء هي التي أفشلت الاشتراكية
- العمل الشيوعي في عالم خارج التاريخ
- في نقد الإشتراكية السوفياتية
- من الديموقراطية إلى الشيوعية
- خيانة الاشتراكية وانهيار الإتحاد السوفياتي
- دور النقد في انهيار الرأسمالية
- المثقفون وسقوط التاريخ
- اللغو البغو تلغيه وقائع التاريخ
- نذر الكارثة الإقتصادية تقرع طبولها
- الإفساد بالأدلجة
- نقد فظ لشيوعي ناعم
- ماذا عن وحدة اليسار
- الإشتراكية والديموقراطية
- لن تكون رأسمالية في روسيا


المزيد.....




- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الإسلام كما القومية لا يمتلكان فكراً